المقدمة:
عندما تسمع كلمة "سياحة"، أول ما يخطر ببالك الأضواء الساطعة للمدن الكبيرة أو الشواطئ المزدحمة. لكن لو خرجت قليلاً عن المألوف، ستكتشف عالماً آخر من القرى العربية الهادئة التي تحمل بين طياتها سحراً لا يعرفه إلا القليلون. أماكن تختزل التراث العربي الأصيل بطريقة عفوية، بعيداً عن الزحام والتصنّع.
خذ مثلاً قرية حتا في الإمارات، تلك الجوهرة المخبأة بين أحضان جبال الحجر. تخيّل نفسك هناك، بعيداً عن صخب دبي بمسافة ليست بالبعيدة، حيث الهواء النقي والطبيعة الخلابة. الجو هناك مختلف، شتاءً لا يقارن بصيف الصحراء الحارق، وكأن المكان قد اختار لنفسه طقساً خاصاً به.
المباني الطينية القديمة هناك ليست مجرد حجارة متراصة، بل تحمل قصص الأجداد الذين عاشوا بين جدرانها. الأبراج الشامخة كأنها حراس الزمن، تحكي عن أيام مضت بكل بساطتها وجمالها. حتى البحيرة الزرقاء هناك، ليست مجرد ماء، بل لوحة طبيعية تنتظر من يمسك بالمجداف ليرسم ذكرياته عليها.
الباحة جنوب السعودية :
في قلب منطقة الباحة جنوب السعودية، تتربع قرية ذي عين على تل صخري كأنها لوحة مرسومة بيد فنان. تخيل بيوتاً بيضاء تتدلى على حافة الجبل، تطل على وادٍ أخضر يخطف الأنفاس. الجو هناك؟ ساحر بكل معنى الكلمة، خاصة عندما ينساب الضباب بين الجبال في الصباح الباكر.
المكان يحكي قصة الزمن القديم. البيوت الحجرية، الشوارع الضيقة، الساحات الصغيرة - كل شيء هنا يهمس بذكريات الماضي. ستشعر وكأن الزمن توقف عند بوابة القرية، تاركاً خلفك صخب المدينة وهمومها.
هناك الكثير مما يمكنك فعله بين أزقة ذي عين. تسلق الممرات الحجرية، استنشق عبير الأعشاب البرية، أو اجلس بجانب العين المائية التي لا تنضب. لا تنسَ كاميرتك، فالمناظر هنا تستحق أن تحفظها في ألبوم ذكرياتك.
أفضل الأوقات للزيارة؟
عندما يكون الجو لطيفاً والأخضر يكسو المكان. خذ معك ملابس مريحة، فالمشي هنا متعة بحد ذاته. وجرب الأكلات المحلية، نكهات ستعلق بذاكرتك طويلاً.
المثير للدهشة أن نظام الري القديم ما زال يعمل بنفس الطريقة منذ قرون. تخيل أن الماء ما زال يجري في القنوات الحجرية بنفس الطريقة التي كان عليها أجدادنا.
في النهاية، زيارة مثل هذه الأماكن ليست مجرد رحلة، بل فرصة لترى العالم بعين جديدة، بعيداً عن زحام الأماكن السياحية المعتادة.